أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
علم الأحافير

ديناصورات صارت من ذوات الدم الحار بعد انفجارات بركانية اكتسحت العالم، وفق دراسة جديدة

ربما أدى احترار عالمي Global warming في عصور ما قبل التاريخ إلى حدوث تغيير تطوري... وهذا يمكن أن يساعد على الكشف عن تأثير أزمة المناخ الحالية

فوجئ د. ألفيو أليساندرو كيارينزا، مؤلف الدراسة الجديدة، بالنتائج

إذا كنتم تجدون صعوبةً في تخيُّل الرحلة التطورية من الديناصورات إلى الدجاج، يمكن للعلماء مساعدتُكم على فهمها بعد أن أضافوا من فورهم خطوةً أخرى على هذا المسار، وقد تكون وراءها سلسلة من الانفجارات البركانية الهائلة التي حدثت في مختلف أنحاء الكوكب.

كشفت دراسة جديدة أجراها باحثون من جامعة يونيفرسيتي كوليدج لندن University College London وجامعة فيغو University of Vigo في إسبانيا، عن اللحظة التي حصلت قبل 180 مليون سنة وطورت فيها بعض الديناصورات ”الداخليةِ الحرارية“ Endothermy، وهي القدرة على تنظيم درجة حرارة الجسم وتوليد الحرارة الداخلية. هذه السمة التي تجعل الكائنات ”داخليةَ الحرارة“ أو ”ذواتِ دم حار“ Warm-blooded نجدها لدى الثدييات والطيور في عصرنا الحالي.

خلال السنوات القليلة الماضية، بدأت بعض الأبحاث تتحدى الفهم الراسخ بأن الديناصورات كانت جميعُها ذاتَ دم بارد، مثل الزواحف التي نعرفها حالياً. غيرَ أن اكتساء بعضها بالريش دفع العلماء إلى التفكير في أنها ربما كانت داخلية الحرارة. لكن توقيت ظهور الديناصورات ذوات الدم الحار لأول مرة، بما في ذلك أسلاف الطيور المعاصرة، لم يكن معروفاً، إلى أن توصل باحثون قبل وقت قريب إلى الكشف عن ذلك.

يعتقد الباحثون أن هذه الديناصورات ظهرت في العصر الجوراسي المبكر Early Jurassic period، في وقت شهد نشاطاً بركانياً مكثفاً أجبر الأنواع Species على التكيف مع تغير المناخ في معظم أنحاء الكوكب. شهد ما يُسمى ”حدث جنكينز“ Jenkyns Event، قبل نحو 183 مليون سنة، اندفاعَ الحُمم البركانية والغازات البركانية عبر شقوق عملاقة في سطح الأرض، مما أدى إلى احترار عالمي وانقراض مجموعات نباتية. تشير الدراسة إلى أن هذا أدى إلى تقسيم مجموعات الديناصورات الرئيسة التي طورت تفضيلات أو احتياجات مناخية مختلفة.

قال المؤلف الأول د. ألفيو أليساندرو كيارينزا Alfio Alessandro Chiarenza لمجلة بي بي سي ساينس فوكس BBC Science Focus: ”لقد فوجئت [بالنتائج]، خاصة مع تزامن غالبية التغير التطوري مع حدث جنكينز… هذا الارتفاع الحراري Hyperthermal (الاحترار العالمي) هو حدثٌ تظل معرفتُنا به مُستجدةً نسبياً في السجل الجيولوجي للأرض، وحقيقة أنه أمكن أن يُحدث مثل هذا التأثير في النظم الإيكولوجية العالمية، وأن يؤثر أيضاً في تطور الديناصورات، هو مفهوم جديد تماماً“.

حللت الدراسة، التي نُشرت في دورية علم الأحياء المعاصر (كارنت بيولوجي) Current Biology، انتشارَ الديناصورات عبر مناخات مختلفة خلال عصر الدهر الوسيط (قبل 230 إلى 66 مليون سنة) من خلال دراسة 1,000 أحفورة ونماذج مناخية وجغرافية وأشجار تطورية.

اكتشف الباحثون أن اثنتين من مجموعات الديناصورات الثلاث الرئيسة انتقلتا إلى مناخات أكثر برودةً خلال العصر الجوراسي المبكر، وتكيفتا معها بفضل سمة الداخلية الحرارية؛ وهي الثيروبودات Theropods (وتشمل الديناصور تيرانوصوروس ريكس Tyrannosaurus rex وفيلوسيرابتور Velociraptor) وطيريات الورك Ornithischians (مع أقارب ستيغوصوروس Stegosaurus وتريسيراتوبس Triceratops). المجموعة الثالثة، الصوربوديات Sauropods (عائلة الديناصورات الضخمة التي تشمل البرونتوصوروس Brontosaurus والديبلودوكوس Diplodocus)، مكثت في المناطق الأكثر دفئاً وبقيت من ذوات الدم البارد.

”ربما سمحت الداخلية الحرارية للثيروبودات وطيريات الورك بالنمو على نحو أسرع، وتفريخ مزيد من الصغار“

ربما سمحت الداخلية الحرارية للثيروبودات وطيريات الورك بالنمو على نحو أسرع وتفريخ مزيد من الصغار والقدرة على البقاء نشيطة بدنياً فترة أطول. وربما ساعدت هذه الفوائد سلالاتِها على البقاء قيدَ الحياة خلال التدهور البيئي، فعلى الرغم من الاحترار العالمي، بقيت المناطق القطبية معتمة نحو أربعة أشهر في السنة.

وفي الوقت نفسه يعتقد الباحثون أن الصوربوديات نمت وتكاثرت في البيئات القاحلة حيث يمكن لأجسامها الكبيرة ذات الدم البارد تخزين الدفء الذي تحتاج إليه. يقول كيارينزا: ”كلما كان وعاءُ الماء أكبر، كان تبريده أبطأ… في ظننا أن جسم الصوربوديات كان يفي بهذا الغرض“.

ويعتقد الباحثون أن فهم تأثير التغيرات المناخية في تطور الديناصورات يمكن أن يسلط الضوء على تأثير أزمة المناخ الحالية في الأنواع الموجودة في العالم حالياً.

يقول كيارينزا: ”هناك سبب آخر يدفعنا إلى تقصِّي أحداث الاحترار العالمي في ماضينا الجيولوجي، وفهمها على نحو أفضل وهو أن نفهم التأثيراتِ التي قد تُحدِثها في التنوع البيولوجي… إنه درس من الماضي الغابر من أجل مستقبلنا“.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى