أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
س&ج

عزيزي الدكتور…

هل من الأفضل حقاً أن نأمُل الأفضلَ، وأن نستعد للأسوأ؟

دعنا نفترضْ أنك تنتظر نتائج الامتحانات المدرسية، أو أن لديك موعداً قريباً مع طبيب الأسنان. يعتقد كثير من الناس أن في إمكانهم إعداد أنفسهم لهذا النوع من النتائج غير المؤكدة من خلال افتراض حدوث الأسوأ. بهذه الطريقة، إذا حصلت على نتائج اختبار سيئة أو تحولت رحلة طبيب الأسنان إلى محنة صعبة، فلن يصدمك الأمر. ومن هنا جاءت عبارة ”توقع الأفضل، واستعد للأسوأ“. ولكن هل هذه الاستراتيجية مفيدة فعلاً؟

بناءً على نتائج أبحاث علم النفس، الإجابة المختصرة هي لا. العيب الأول هو أن الاستعداد للأسوأ سيجعلك تشعر بالحزن والقلق قبل الحدث. هذا يبدو منطقياً. بعد كل شيء، لقد أقنعت نفسك أن شيئاً سيئاً سيحدث. بداهةً ستشعر بالتحسن في الفترة التي تسبق نتائج الاختبار، أو زيارة طبيب الأسنان (أو أي حدث غير مؤكد ومثير للقلق مقبل) إذا فكرت على نحو إيجابي وافترضت أن الأمور ستسير على ما يرام.

ولكن ماذا لو انتهى بك الأمر إلى الفشل في الامتحان أو قرر طبيب الأسنان أنك تحتاج إلى تدخلات إضافية؟ ألن يساعدك الاستعداد للأسوأ على التخفيف من حدة هذه التجارب السلبية؟ أليس من الممكن تشكيل نوع من الدرع العاطفية حول مشاعرك؟ للأسف لا. ليست لدينا بيانات عن كل موقف يمكن تصوره، ولكن على الأقل في سياق نتائج الامتحانات، هناك أدلة كثيرة على أن الأشخاص الذين يحصلون على درجات مخيبة للآمال يشعرون بالقدر نفسه من السوء سواءً توقعوا ذلك أو لا – وهذا صحيح بعد الحصول على النتائج مباشرة وفي الأيام التي تليها. أظهرت دراسة أخرى مماثلة أن وجود توقعات سلبية بشأن مهمة مقبلة للتحدث أمام الجمهور دفع الناس إلى الشعور بالسوء بعد الاضطلاع بذلك مباشرة، وليس بالتحسن. يبدو أن الاستعداد للأسوأ ببساطة لا ينجح عندما يتعلق الأمر بمشاعرنا.

هذا في الواقع ذو صلة بقضية موضوعية في عصرنا تتعلق بالتحذيرات المتعلقة بالمحتوى المزعج أو الذي قد يثير ردود فعل نفسية أو عاطفية في الأعمال الفنية مثل الأفلام أو في الأخبار. المنطق وراء هذه التحذيرات هو أنها تسمح للأشخاص بتجهيز أنفسهم لتجارب عاطفية صعبة، مثل المواضيع الحساسة أو المواد المزعجة في المسرحيات أو الكتب أو الأفلام. ومع ذلك، أظهرت الأبحاث مراراً وتكراراً أن هذه التحذيرات ليست فعالة في مساعدة الأشخاص على حماية أنفسهم عاطفياً.

ربما لا تزالون تتساءلون حول مخاطر الإفراط في التفاؤل أو الرضا عن الوضع الحالي. الشيء الجيد في التفاؤل هو أنه يميل إلى أن يكون عاملاً دافعاً للتحفيز. إذا كنت تعتقد أن لديك فرصة للأداء الجيد في الامتحان، فمن المرجح أن تبذل جهداً في الدراسة والاستعداد له.

وقد أظهر الباحثون ذلك في دراسات مع الطلبة: أولئك الذين هم أكثر تفاؤلاً يميلون إلى بذل مزيد من الجهد في دراستهم، ومن ثم يميلون إلى الحصول على درجات أفضل نتيجة لذلك. وبعبارة أخرى، يمكن أن يؤدي التفاؤل إلى تحقيق النتائج المتوقعة.

إحدى الرسائل المهمة من بحث التفاؤل هذا هي أن نتذكر الجزء المتعلق بالجهد من المعادلة. إن التفاؤل الخامل الذي لا أساس له – أي ببساطة أن نأمل الأفضل ثم نترك الأمر عند هذا الحد – ليس استراتيجية جيدة. هل تفكر بإيجابية وتستثمر الجهد اللازم للاضطلاع بعمل جيد؟ هذه هي الصيغة التي تحقق من خلالها ما تصبو إليه. CJ 


إلويز بيس، سانت ألبانز Elouise Pace, St. Albans

كيف يمكننا الاستمرار في التحدث إلى مركبة فوياجر2، وهي على بُعد بلايين الأميال؟

تتواصل الوكالة ناسا مع جميع مسابرها الفضائية، بما في ذلك فوياجر 2 (Voyager 2)، بفضل شبكة الفضاء العميق Deep Space Network (اختصاراً: الشبكة DSN)، وهي مجموعة من أطباق الراديو في ثلاثة مواقع حول العالم؛ غولدستون Goldstone في كاليفورنيا، وروبليدو Robledo بالقرب من مدريد وتيدبينبيلا Tidbinbilla بالقرب من كانبيرا.

نظراً إلى أن فوياجر 2 مرئية فقط من نصف الكرة الجنوبي، فإن الهوائي المسمى DSS-43، الموجود في الموقع الأسترالي، هو الهوائي الوحيد على الأرض الذي يمكنه إرسال واستقبال الإشارات من المسبار وإليه.

يتمتع جهاز الإرسال الموجود على فوياجر 2 – التي تبعد حالياً أكثر من 20 بليون كيلومتر عن الأرض – بقدرة تبلغ نحو 23 وات (نحو ثمانية أضعاف قوة الهاتف المحمول العادي). وبحلول الوقت الذي تصل فيه الإشارة الراديوية إلى الأرض، تكون لديها نحو واحد من عشرة أجزاء بليونية تريليونية من هذه القوة.

من أجل اكتشاف هذه الإشارة الخافتة جداً، يكون الهوائي DSS-43 وجهاز الإرسال الموجود على فوياجر 2 عاليي التوجيه ويستخدمان إشارات ضيقة النطاق وعالية التردد تُرسل بمعدل بث بطيء. إن تقنيات معالجة الإشارات المعقدة، وانعدام التداخل، وحقيقة أن إشارات الراديو تنتقل تقريباً من دون عوائق عبر الفضاء، تعني أن المسافة الشاسعة لا تشكل عائقاً أمام الهوائي DSS-43. ينقل الهوائي الإشارات إلى فوياجر 2 بقوة أعلى بكثير مما يتلقاه – تصل إلى نحو 400,000 وات – ويمكن أن يسمعها بسهولة المسبار البعيد. AG


هيرمان تاونسند، ليفربول Herman Townsend, Liverpool

ما الضوء الرمادي؟

”الضوء الرمادي“ Ashen light، أو اختصاراً الضوء AL، هو توهج أو تلوين خافت وغامض، يُرى في نصف الكرة الليلي لكوكب الزهرة. وهو يُقارن في أكثر الأحيان مع ظاهرة ”إشراق الأرض“ Earthshine المنعكسة التي تضيء أحياناً الجانب المعتم من القمر. أُبلِغ عن رصد الضوء الرمادي أول مرة في العام 1643 عالم الفلك الإيطالي جيوفاني ريتشولي Giovanni Riccioli، وقد رُصد الضوء الرمادي عدة مرات منذ ذلك الحين، ولكن طبيعته الباهتة والانتقالية والمراوغة حالت دون إجراء دراسات جدية حوله. والأمر الأكثر إشكالية هو أن الضوء الرمادي لم يكتشف إلا بالعين البشرية ولم تتمكن أي أداة علمية، سواء كانت أرضية أو فضائية، من تسجيل هذه الظاهرة على الإطلاق.

وقد أعلنت بعض الجهات المرجعية أن هذه الظاهرة وهمية، وربما يكون لها تأثير متباين في العين، أو حتى “تحيز للتوقعات” Expectation bias. ويشير آخرون إلى أن عيوباً في الأدوات قد تفسر هذه الظاهرة؛ إضافة إلى تشتُّت الضوء، والانحرافات البصرية، وسطوع السماء الخلفية، والطقس، وما إلى ذلك.

ومع ذلك، هناك تقارير موثوق بها كافية عن الضوء الرمادي لبعض العلماء لتقديم تفسيرات. وتشمل هذه الضوء المنعكس من الأرض، والشفق القطبي، وانبعاث ”التوهج الهوائي“ Airglow، والبرق، وانبعاث الأشعة تحت الحمراء (الحرارة) من الغلاف الجوي لكوكب الزهرة.

وقد استُبعدت معظم هذه التفسيرات لسبب أو لآخر. ومع ذلك هناك أدلة جيدة على أن جسيمات الرياح الشمسية Solar wind particles النشطة، وكذلك الأشعة فوق البنفسجية الآتية من الشمس، يمكن أن تثير ذرات الأكسجين في الغلاف الجوي لكوكب الزهرة. هذا يخلق توهجاً أخضر خافتاً مثل ذلك الذي يظهر في الشفق القطبي على الأرض. تختلف العملية إلى حد ما، نظراً إلى أن الشفق القطبي على الأرض ناتج عن تفاعل المجال المغناطيسي للكوكب مع جسيمات الطاقة الشمسية، في حين أن كوكب الزهرة ليس لديه مجال مغناطيسي ملموس.

عما إذا كان هذا التفسير يمكن أن يفسر كل أو أي مشاهدات للضوء الرمادي، فهذا أمر غير معروف بعد. لذا فإن لغز الضوء الرمادي الذي طال أمدُه قد يكون مجرد وهم. AG


سؤال الشهر

بيلي ويلسون، عبر البريد الإلكتروني Billy Wilson, Via Email

لو أن دماغي في معدتي، فهل سأفكر من بطني؟

لم يُقبل الدماغ دائماً كعضو للتفكير. اعتقد المصريون القدماء أن القلب هو المسؤول عن الذكاء ويحتوي على الروح، لذلك حُفظت الجثث المحنطة مع القلب سليماً، في حين أنهم أزالوا الدماغ وتخلصوا منه. كان العالم اليوناني ألكمايون الكروتوني Alcmaeon of Croton من بين أول المدافعين عن الدماغ، في القرن الخامس قبل الميلاد، ولكن بعد قرنين من الزمن، كان أرسطو Aristotle ما زال يجادل بأن القلب هو مركز التفكير.

لا توجد قاعدة تنص على أن التفكير يجب أن يكون له مركز على الإطلاق. خلايا الأخطبوط العصبية مثلاً ثلثاها موزع بين مجساته. وهذا يعني أن كل ذراع من أذرعته يمكن أن تتفاعل مع المنبهات وتتحرك بطريقة شبه مستقلة.

ثم هناك التطورات الأخيرة في نماذج الذكاء الاصطناعي – مثل ChatGPT – التي أنتجت سلوكاً يشبه إلى حد كبير التفكير الواعي، من دون أي أعضاء حسية جسدية على الإطلاق.

لقد حدد علم الأعصاب الحديث والتصوير الطبي حالياً أن الإدراك والتفكير واللغة، عند البشر على الأقل، يتحكم فيها وينسقها الدماغ. لكن ما نفكر به ليس هو نفسه الذي نفكر منه.

الفكرة الغربية القائلة بأن الوعي ينشأ في رؤوسنا هي فكرة ذاتية وتعتمد على الثقافة والدين أيضاً. ترى عديد من ثقافات الشعوب الأصلية أن الوعي مرتبط بالروح أو بعالم الأجداد، وهو منفصل عن الجسد. هناك أيضاً كثير من الأحاسيس الجسدية مثل الجوع والألم التي تنشأ في أماكن أخرى من الجسم، ومع ذلك ليس لدينا مشكلة في دمج هذه المعلومات مع الأفكار الموجودة في رؤوسنا.

لو أن أدمغتنا وبطوننا كانت الواحد منها في مكان الآخر، لربما فكرنا في الرأس باعتباره مجرد نقطة تجميع للمدخلات الحسية والغذائية، في حين أن الفكر الواعي، بطبيعة الحال، يقع في منتصف أجسادنا. LV

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى