أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
اكتشافاتالدماغ

ما المشاعر حقاً؟

ما شعورك؟ هل تشعر بالقلق حيال شيءٍ ما؟ أو إنك خائف؟ ربما أنت سعيد الآن، لكنك كنت حزيناً من قبل. لماذا تشعر بهذه الطريقة ومن أين تأتي كل هذه الأحاسيس؟ د. ليزا فيلدمان باريت DR LISA FELDMAN BARRETT تشرح لنا....

المشاعر هي أفضل تخمينات يصل إليها دماغك لما تعنيه أحاسيسك الجسدية، مسترشداً بتجربتك السابقة. يبني دماغك هذه التخمينات في غمضة عين- بسرعة كبيرة في الواقع، بحيث تبدو المشاعر وكأنها ردود أفعال لا يمكن السيطرة عليها تحدث لك، في حين أنك أنت من يولد هذه المشاعر.

على مدى فترة طويلة، ظل العلماء على يقين من أن المشاعر ناتجة عن دوائر دماغية Brain circuits مخصصة لكل منها- دائرة للسعادة، ودائرة للخوف، وأخرى للغضب، وما إلى ذلك– تولِّد تلقائياً نمطاً معيناً من تعبيرات الوجه والحالة الجسدية والفعل البدني. على سبيل المثال، إذا رأيت ثعباناً، فستنشط ”دائرة الخوف“ Fear circuit المفترضة، مما يؤدي إلى اتساع عينيك وتسارع دقات قلبك واستعداد جسدك للفرار. كان يُعتقد أن شعوراً معيناً هو رد فعل متسلسل لأحداث منسقة تحدث بصورة موثوق بها بما يكفي تسمح لنا بتشخيص متى يمر شخص ما بها.

ولكن معظم الأدلة العلمية لا تدعم هذا الرأي. فهي تقترح بدلاً من ذلك أن كل حالة من المشاعر هي حدث يضطلع به الدماغ بالكامل. يستخدم عقلك تجاربك السابقة لدمج المعلومات التي يحصل عليها من جسمك، مثل ضربات القلب، مع معلومات من العالم من حولك، مثل عندما تنتظر في عيادة الطبيب نتائج الاختبار، لتكوين شعور مثل القلق. أما في موقف مختلف، مثل مشاهدة من تحب يدخل الغرفة، فقد يبني عقلك حالة من الإثارة أو الرغبة من القلب النابض نفسه. أو إذا كنت تمارس الرياضة، فقد يحول دماغك نبضات قلبك إلى حالةٍ من التعب. المعنى الذي ‘يولِّده’ دماغك يساعده على التخطيط للإجراء التالي الذي سيفعله جسمك لإبقائك على قيد الحياة ومعافَى.

حتى مع هذه الأدلة المتزايدة، ما زال علم المشاعر مشوَّشاً إلى حد كبير

 

حتى مع هذه الأدلة المتزايدة ما زال علم المشاعر مشوَّشاً إلى حد كبير. وما زال بعض العلماء يدرسون دوائر الدماغ بحثاً عن أفعال، مثل شعورك بالشلل في مكانك، ويدَّعون أنهم يدرسون دوائر الشعور. خلصت مئات الدراسات إلى أن الناس في معظم أنحاء العالم يعبِّرون عن المشاعر بحركات الوجه نفسها، مع أن معظم هذه الدراسات تستخدم منهجاً تجريبياً Experimental method ضعيفاً تفشل محاولة تكرار نتائجه عند السعي إلى ضبط بعض جوانبه. هناك شركات تدعي أن لديها خوارزميات لتعلم الآلة لاكتشاف المشاعر من الابتسامة والعبوس، لكنها تكتشف حركات العضلات، وليس المعنى العاطفي لتلك الحركات في السياق. تُظهر البيانات، على سبيل المثال، أن الأشخاص الذين يعيشون ضمن ثقافات المدن الكبرى يعبسون للتعبير عن الغضب أقل من 30% من الوقت، أما خلال الـ70% المتبقية فإنهم يفعلون شيئاً آخر بوجوههم في حالة الغضب. كما أن الناس يعبسون لأسباب عديدة إلى جانب الغضب، قد يكونون شديدي التركيز أو يعانون نفخة غازات. والدليل على وجود تعبيرات عالمية مشتركة عن المشاعر هو أضعف في المجتمعات الصغيرة والنائية. لذلك، فالعبوس ليس التعبير العام المشترك عن الغضب، إنه مجرد تعبير واحد من بين عديد من التعبيرات الأخرى.

مثل هذا التشويش نراه في الصحافة الشعبية، ولهذا السبب نرى قصصاً إخبارية تفيد بأن الفئران لديها تعبيرات وجه عاطفية (ليس لديها)، وأن منطقة دماغية تسمى اللوزة Amygdala هي موقع الخوف (ليست كذلك) وأن أنظمة الذكاء الاصطناعي (AI) يمكنها أن تقرأ مشاعرك (لا يمكنها ذلك).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى