أيُّ الأحذية حُظرت خلال أولمبياد طوكيو؟
في أكتوبر 2019، حقق الكيني إليود كيبشوج Eliud Kipchoge ما لم يحققه أي إنسان من قبل، وأنهى سباق الماراثون في أقل من ساعتين. فقد استغرق الأمر منه 1:59:40 ساعة مع متوسط سرعة من 21.18 كم/ساعة (جرب ذلك مدة 30 ثانية فقط في المرة المقبلة التي تكون فيها على جهاز المشي). لكن البعض يجادل بأن السجل غير الرسمي مستمد جزئياً من حذاء نايكي ألفافلاي Nike Alphafly الذي كان ينتعله. إذْ تحوي أحذية ألفافلاي، أو “الحذاء الذي تفوق على الجري”، كما أطلق عليها عالم الرياضة د. روس تاكر Ross Tucker، على تقنية مصممة لتوفير قدر أكبر من عائد الطاقة Energy return والسرعة. بفضل ثلاث لوحات من الكربون ونعل أوسط متطور (وسادة فوق المداس)، زعمت الدراسات التي خضعت لمراجعة الأقران– وإن مولتها شركة نايكي- أن الحذاء أدى إلى زيادة بنسبة %4 في كفاءة الجري وبنحو %3.4 في السرعة.
ولكن الإرشادات الجديدة التي كشف عنها الاتحاد الدولي لألعاب القوى World Athletics في يناير 2020 تضمنت حظر أحذية ألفافلاي من مسابقات النخبة. يجب وفق المواصفات الجديدة أن يحتوي الحذاء على طبقة واحدة من ألياف الكربون، وألا يتجاوز ارتفاع النعل الأوسط 40 ملم. لكن القصة لا تنتهي عند هذا الحد. فقد أصدرت نايكي نسخة معدلة هي فيْبورفلاي Vaporfly تلتزم باللوائح الجديدة، وقد حلَّ هذا الحذاء على 31 من أصل 36 موقعاً على منصات التتويج في سباقات الماراثون الكبرى في العام 2019. يشيد المؤيدون بابتكار نايكي؛ فيما يصفه النقاد بأنه بمنزلة منشطات تكنولوجية
لكن، ما المنشطات التكنولوجية؟
تشتهر الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات World Anti-Doping Agency (اختصاراً: الوكالة WADA) بمحاربة الغش عن طريق استخدام المنشطات. غير أن اختصاصها يشمل المعدات الرياضية أيضاً، وستقترح الوكالة WADAعلى الهيئة المشرفة على إحدى الرياضات حظر عنصر معين إذا عُدَّ “مخالفاً لروح الرياضة”. ولكن نظراً إلى أن معظم الأدوات مصمَّمة لتحسين الأداء، فإن عديداً من العناصر تقع في منطقة رمادية، مثل ملابس السباحة LZR Racer التي صممتها شركة Speedo (إلى اليمين)، على سبيل المثال. تستخدم البدلة التي تغطي الجسم نسيجاً يعتمد على جلد سمك القرش لزيادة الطفو. في أولمبياد بكين 2008 سجل 23 من أصل 25 رقماً قياسياً في السباحة رياضيون يرتدون LZR Racer. حُظرت هذه البدلة في العام 2009 بقرار من الاتحاد الدولي للسباحة Fédération Internationale de Natation (اختصاراً: الاتحاد FINA)، وهو الهيئة الإدارية المشرفة على رياضة السباحة.
هل يمكن تحقيق ‘عدالة الأحذية’؟
إن عدالة الأحذية ببساطةٍ أمرٌ غير ممكن نظراً إلى أن الهدف التجاري هو القوة الدافعة وراءها. نمَت عائدات شركة نايكي بنسبة %9 في العام 2020 لتصل إلى 11.24 بليون دولار (7.9 بليون جنيه إسترليني)، وكانت عمليات شراء الأحذية عبر الإنترنت رافداً كبيراً في ذلك. حتى أن السعر المرتفع الذي يزيد على 250 جنيهاً إسترلينياً لأحذية ألفا/ فيْبورفلاي لم يحل دون اقتنائها من قِبل هواة رياضة الجري.
سجلت نايكي عدداً من براءات الاختراع مع حذاء فيْبورفلاي بما في ذلك انحناء الطبقة الكربونية الممتدة على طول الحذاء. وبينما حذت منافساتها مثل أديداس Adidas وساكوني Saucony حذوها، هل يوفر الاختلاف في أشكال طبقة الكربون وأطوالها الميزةَ نفسها أو أن نايكي تفوقت عليها؟ وإذا قطع عداءٌ ماراثون بحذاء أديداس المكافئ مسافة 26.2 ميلاً في 1:57:00 ساعة، فهل ستعترض نايكي وتخرج بطاقة المنشطات التكنولوجية؟
إنه مستنقع تنافسي، مع أن الاتحاد الدولي لألعاب القوى World Athletics قطع شوطاً في المجال وحدد أن ارتفاع النعل الأوسط يجب ألا يتجاوز 40 ملم.
كيف تعمل أحذية نايكي فيْبورفلاي؟
تشبه أحذية فيْبورفلاي الرسمية في الظاهر أي حذاء رياضي تقليدي. لكن فروقاً دقيقة تجتمع لتجعلها تحدث فرقاً كبيراً. أفادت المجلة البريطانية للطب الرياضي British Journal Of Sports Medicine بأن طبقة ألياف الكربون والمواد التي صُنع منها النعل الأوسط وسماكته هي في صميم كفاءة فيْبورفلاي.
تزيد طبقة ألياف الكربون الممتدة على طول الحذاء من صلابته وتعمل كرافعة لتخفيف الضغط على الكاحل. وتدعي الدراسات التي تمولها نايكي وخضعت لمراجعة الأقران أن من شأن هذا التصميم أن يزيد من كفاءة الجري بنسبة %1.5. قد تسبب صلابة طبقة الكربون بمفردها شعوراً بعدم الارتياح، ولكن هذا تعوضه سماكة النعل الأوسط الذي يبلغ 31 ملم عند الكعب. وقد تعتقد أن مثل هذا النعل الأوسط السميك سيضيف وزناً مقارنةً بحذاء العدو التقليدي، غيرَ أنه لا يفعل ذلك لأنه مصنوع من مادة مطاطية من البولي أميد تُسمى رغوة بيباكس Pebax. تتميز الطرازات الأحدث أيضاً بوجود أكياس هوائية توفر نظام تعليق Suspension system إضافياً.
من الصعب تحديد الميزة التي يمنحها كل عنصر من العناصر من أجل تحسين الأداء ككل. لكن بعض العدائين يجدون فائدة أكبر من غيرهم في الاستقرار وكفاءة الطاقة والراحة التي توفرها الأحذية. وتتراوح التحسينات في وقت الجري بين %6 ولا شيء على الإطلاق، وفقاً للمجلة البريطانية للطب الرياضي British Journal Of Sports Medicine.
ما التكنولوجيا الأخرى التي يمكن أن تعزز أداء الجري في المستقبل؟
كما أظهر التباين في مدى تحسين أداء العدائين الذين يرتدون فيْبورفلاي، فإن اختلافات مثل شكل القوس وعرض القدم وطريقة الجري تؤثر كلها في كفاءة الحذاء. لذا فإن الأحذية المصممة بحسب الطلب هي المثالية. وهذا ما تفعله أديداس باستخدام تقنية مسح القدم ثلاثية الأبعاد والطباعة ثلاثية الأبعاد لإنتاج نموذجها الأولي من حذاء الجري فيوتشركرافت ران Futurecraft run. وقد مضت الشركة قُدماً نحو صنع حذاء سترونغ Strung shoe المقرر إطلاقه في أواخر العام 2022.
في المستقبل يمكن استخدام التكنولوجيا لمساعدتك على الجري أسرع عن طريق تقليل مجهودك المتوقع. يدور هذا حول التلاعب بالدماغ عن طريق التحفيز باستخدام تيار مباشر عبر القحف Transcranial direct current stimulation (اختصاراً: التحفيز tDCS)، وهي طريقة يزداد الإقبال عليها. وتضطلع الفكرة على تمرير تيار منخفض عبر المادة الرمادية Grey matter للدماغ يُعلِّم عقلك الحفاظ على إشارات عصبية أقوى في أثناء الجري مما يؤدي إلى تسجيل أرقام أسرع. صارت منتجات التحفيز tDCS متوافرة في السوق، وهي تَعِد بإنجازات كبيرة لا تدعمها أدلة مستقلة.