بصيص أمل لتطوير علاج لأحد أشكال الخرف عند الأطفال من أغنام مُعدَّلة جينيا
نجح علماء من معهد روزلين Roslin Institute في إدنبرة باسكتلندا في توليد خروف يحمل الجين الخاص بمرض باتن Batten disease، وهو مرض نادر ومميت في مرحلة الطفولة ولا علاج له حالياً. يخبرنا د. توماس ويشارت Thomas Wishart بمزيد
ما مرض باتن؟
مرض باتن هو مصطلح يطلق على مجموعة من الأمراض التي تُعرف أيضاً باسم الداء الليبوفوسيني السيرويدي العصبوني Neuronal ceroid lipofuscinoses، أو اضطرابات التخزين الليسوسومية Lysosomal storage disorders. هذه هي الحالات التي يحمل فيها المرضى طفرات أو عيوباً في الجينات تنتهي في آخر المطاف بالتأثير في وظيفة الليسوسومات Lysosomes، وهي عضيات التخلص من نفايات الخلايا وإعادة تدويرها. يُشار إلى اضطرابات التخزين الليسوسومية عموماً على أنها أكثر أشكال الخرف Dementia شيوعاً في مرحلة الطفولة.
يوجد 14 نوعاً مختلفاً من المرض نعلم بوجودها. إنها مما نطلق عليه الأمراض التنكسية العصبية Neurodegenerative diseases، وتؤثر في وظيفة الجهاز العصبي. إنه مرض نادر؛ ففي المملكة المتحدة ربما يوجد 100 أو 150 مريضاً في الوقت الحالي. لكن من الواضح أن هذا لا يجعله أقل تأثيراً في المصابين به ومن يقومون على رعايتهم.
هل يصيب المرض الأطفال منذ الولادة؟
ليس بالضرورة. فكما قلت يوجد 14 شكلاً مختلفاً، وكلها تؤثر في وظيفة الليسوسومات، وهو نظام التخلص من النفايات وإعادة تدويرها في الخلية.
تتشابه غالبية المظاهر، مع اختلاف رئيس هو وقت ظهور المرض – العمر الذي يبدأ فيه المرض – والمدة التي يستغرقها ذلك قبل الوفاة المبكرة.
شكلُ المرض الذي نتحدث عنه، والذي يسمى الشكل CLN1 للمرض، يظهر في مرحلة مبكرة جداً. أول ظهور للمرض عادة هو إصابة الأطفال، للأسف، بالعمى. بعد ذلك يظهر لديهم مزيد من العيوب المعرفية الأساسية، مثل التغييرات في عمليات التفكير، أو قدرتهم على الاحتفاظ بالمعلومات أو تطوير ذكريات جديدة، وقدرتهم على التفاعل مع أفراد الأسرة.
تظهر لديهم تغييرات حركية، مما يعني أنه يؤثر في قدرتهم على التحرك وتنسيق قدراتهم. وعادة ما ينتهي بهم الأمر على كرسي متحرك بسرعة كبيرة، ثم سرعان ما يفقدون قدرتهم على الحركة. في النهاية يُتوَفى معظم هؤلاء الأطفال عندما يبلغون من العمر 10 سنوات.
عملك يتركز إذن حول المرض الناجم عن خطأ في الجين CLN1؟
نعم. يؤثر كل شكل من الأشكال المختلفة لمرض باتن في جين مختلف يؤثر في وظيفة الليسوسومات. بالنسبة إلى هذا الشكل من المرض، يُسمى الجين CLN1. من المفترض أن ينتج إنزيماً يسمى PPT1 ويؤدي دوراً في وظيفة الليسوسومات.
”هذا إثبات للمبدأ يستحق متابعة البحث، ومن المرجح أن يكون مساراً قابلاً للتطبيق لتطوير علاج“
هل عدلتَ الأغنامَ جينياً لتحمل هذا الجين المتحور وعالجتَها بالإنزيم المفقود؟
المتعاونون معنا في الولايات المتحدة لديهم بالفعل نموذج فأر لهذا المرض بالذات. الفئران مفيدة في إجراء بعض الأعمال الأساسية في البيولوجيا، لكنها لا تشبه البشر كثيراً، وهذه مشكلة كبيرة في الوقت الحالي. بوجه عام، نسمي هذه الأبحاث انتقاليةً (تحويلية) Translation research، أي نقل شيء ما من العلاجات المشتقة من القوارض إلى شيء سيكون فعالاً في العيادة. نحن في حاجة إلى نظام نموذجي وسيط، إذا أردتَ، لنكون قادرين على إظهار أنه يمكننا التوسع بنحو فعال [من كائن صغير إلى كائن كبير].
في الجهاز العصبي للفأر، إذا وضعت الإنزيم في المساحات الممتلئة بالسوائل في الدماغ، ما يُسمى البُطينات Ventricles، فإن أقصى مسافة يجب أن يقطعها للحصول على تغطية كاملة للدماغ لا تتعدى 2 أو 3 ملليمترات في أي اتجاه. إذا كنتَ تريد أن تفعل ذلك في دماغ طفل، فعليه أن يذهب إلى سنتيمترين في كل اتجاه. لذا بمجرد أن نستطيع فعل ذلك على فأر، فهذا لا يعني بالضرورة أنه سيكون فعالاً في الإنسان أيضاً.
لكي نكون واضحين – وأعتقد أننا نحاول التشديد على هذه النقطة – لا أحد يريد إجراء أبحاث علاجية على حيوانات كبيرة. ولكن لا يوجد بديل لإثبات القدرة على إجراء ذلك الانتقال بنحو فعال من العلاج على نطاق صغير إلى شيء سيكون فعالاً في العيادة.
إلى أي مدى وصل البحث؟
أظهر المتعاونون معنا في الولايات المتحدة أن هذا طريق قابل للتطبيق للتخلص من المرض بنحو أساسي في نموذج الفأر. لقد تمكنا من إظهار أننا إذا طبقنا هذا العلاج على نحو أوسع في الأغنام، وإذا أيضاً حقنَّاه في المساحات الممتلئة بالسوائل في الدماغ، وأعطينا هذا العلاج شهرياً، عندها يمكننا تغيير مسار تقدم المرض.
ما الخطوات اللاحقة؟
ما زلنا في مراحل مبكرة جداً. هذا إثبات للمبدأ Proof of concept يستحق متابعة البحث، ومن المرجح أن يكون مساراً قابلاً للتطبيق ولتطوير علاج. تتمثل الخطوات التالية في محاولة الحصول على تمويل للاضطلاع بذلك على نطاق أوسع، وتحسين بروتوكول إعطاء العلاج لمحاولة الإجابة عن أسئلة مثل: ما مقدار الإنزيم الذي نحتاج إلى إعطائه؟ كم مرة نحتاج إلى إعطائه؟ وأين بالضبط يجب أن نحقنه في المرة الأولى؟
يجدر التأكيد على أن هذا أبعد ما يكون عن كونه علاجاً في الوقت الحالي. هذا إثبات فعال للمبدأ وهو واعد، ولكن سنحتاج إلى مزيد من الوقت قبل أن يعطَى أيُّ شيء للمرضى.
د. توماس ويشارت
توماس محاضر في علم التشريح الجزيئي من معهد روزلين بجامعة إدنبرة. يدرس الآليات التي يقوم عليها نمو الخلايا العصبية وانتكاسها.