ألـــغـــاز الـــهــاوية
أعماق البحار هي آخر المناطق غير المستكشَفة على الأرض. فعلى امتداد الزمن احتفظ هذا النظام الإيكولوجي الغامض في داخله بإجابات عن بعض أهم الأسئلة في مجال العلوم. وحالياً تعزِّز موجة جديدة من التقنيات أعمال الاستكشاف التي ستساعدنا على كتابة قصة الحدود النهائية للأرض.
1
هل بدأت الحياة في أعماق البحر؟
لقد بدأت الحياة على الأرض قبل نحو أربعة بلايين سنة. ولكن ما زال المكان الذي دبت فيه الحياة في تلك الخلايا البسيطة وكيف حدث ذلك لغزاً محيراً، وإن توافر لدينا مزيد من الأدلَّة التي تشير إلى أنها قد تكون ظهرت أول مرة في أعماق المحيط.
في العام 2017، تعرَّف علماء الأحافير على أنابيب وخيوط مجهرية مصنوعة من الهيماتيت Haematite الغني بالحديد داخل صخور تشكلت قبل 3.77 إلى 4.28 بليون سنة. الصخور هي جزء نادر من القشرة المحيطية البدائية المحفوظة على الأرض (يُسحب معظم قاع البحر إلى وشاح الأرض، ويُصهر ويُعاد تدويره ليشكل قشرة جديدة). تمتلك هذه التكوينات الصغيرة الشكلَ المميزَ للميكروبات التي تعيش حالياً في الفتحات الحرارية المائية Hydrothermal vents في أعماق البحار؛ وهي الينابيع الساخنة التي تتشكل تحت الماء على حواف الصفائح التكتونية Tectonic plates.
يدعم الاكتشاف الأحفوري نظريةً طرحها في تسعينات القرن العشرين الكيميائي د. مايكل راسل Michael Russell من وكالة ناسا. وتتلخص فكرته في أن قوالب الخلايا الحية وفَّرتها مسام صخرية دقيقة داخل فوهات الفتحات الحرارية المائية. كان لا بد من توافر مجموعة محددة من الظروف لحدوث ذلك، لا سيما أن درجة الحرارة ما كان لها أن تكون مرتفعة جداً، وإلا لاحترقت الصور الأولى للحياة على الفور. كما تطلب الأمر أن تكون السوائل المتدفقة عبر هذه الفتحات قلوية Alkaline لتهيئة الظروف التي تُولِّد الطاقة في معظم الخلايا الحية حالياً.
معظم الفتحات المعروفة باسم المدخِّنات السود Black smokers، شديدة الحرارة وشديدة الحموضة. لكن تشكيلاً نادراً على نحو مذهل يقع في المحيط الأطلسي يُطلق عليه اسم المدينة المفقودة The Lost City يوفر جملة الظروف المناسبة. علاوةً على ذلك يُعتقَد أن المدخِّنات البيض White smokers مثل هذه كانت أكثر شيوعاً على الأرض في مراحلها المبكرة. ومن المختبرات البعيدة تماماً عن الهاوية نحصل على مزيد من القرائن على أن هذا يمكن أن يكون المكان الذي بدأت فيه الحياة. في كاليفورنيا، ففي مختبر الدفع النفاث Jet Propulsion Laboratory (اختصاراً: المختبر JPL) التابع لوكالة ناسا، تعمل عالمتا الفضاء د. لوري بارج Laurie Barge وإريكا فلوريس Erika Flores على إنماء فتحات حرارية مائية صغيرة، وقد نجحتا في توليد أحماض أمينية Amino acids، هي لبنة مهمة في بناء الحياة. في غضون ذلك، في جامعة يونيفرسيتي كوليدج لندن University College London، بنى فريق البروفِسور نيك ليْن Nick Lane مفاعلاً لمحاكاة ظروف منفس مائي حراري قلوي، على غرار المدينة المفقودة. لقد جمعوا مزيجاً من الأحماض الدهنية Fatty acids والكحولات الدهنية Fatty alcohols التي شكلت تلقائياً غشاءً يحيط بقطرة من السائل؛ وهذا يُعد خلية أولية أساسية.
تطرح نظرية نشوء الحياة Life originating في فتحات حرارية مائية احتمالاً مثيراً، وهو أن الحياة يمكن أن تبدأ في مكان آخر في المجموعة الشمسية بطريقة مماثلة. إذ يعتقد العلماء أن هناك فتحات حرارية مائية على قمر كوكب زحل إنسيلادوس Enceladus، وفي المحيط المالح العملاق الذي يقع تحت القشرة الجليدية على قمر كوكب المشتري يوروبا. وقد تكتشف بعثة كليبر Clipper mission التابعة لوكالة ناسا علامات تدل على وجود محيط صالح لنشوء الحياة عندما تصل إلى مدار كوكب المشتري، وتتأرجح بالقرب من قمره الجليدي في العام 2030.
2
ما عدد المخلوقات غير المكتشَفة التي تعيش في الأعماق؟
هناك أمر واحد مؤكد هو أن العلماء لن يتوقفوا عن اكتشاف أنواع جديدة في أعماق البحار في أي وقت قريباً. في دراسة حديثة استمرت ثلاث سنوات في المحيط الهادئ، صورت مَركبات تُشغَّل من بُعد Remotely operated
vehicles (اختصاراً: المركبات ROVs) ما يقرب من 350,000 حيوان: أسماك وأخطبوطات وشعاب مرجانية وشقائق نعمان ورُبيان وحبار وإسفنج وكرات طين حية منحوتة تُسمى زينوفيوفورات Xenophyophores… والقائمة تطول. واحد فقط من كل خمسة أنواع كان نوعاً معروفاً. لم تكن كل الصور واضحة بما يكفي للتعرف عليها، لكن معظمها كانت كائنات حية لم يرَها أحد من قبل.
وحيثما سينظر العلماء في أعماق المحيط، فإنهم يضمنون إلى حدٍّ كبيرٍ أنهم سيعثرون على ما هو جديد وغير متوقع. تقول البروفِسورة راندي روتجان Randi Rotjan من جامعة بوسطن Boston University وقد عادت من فورها من قيادة رحلة استكشافية استغرقت شهراً إلى أرخبيل فينيكس Phoenix archipelago في وسط المحيط الهادئ: ”إنها دائماً مغامرة رائعة“. تضمنت بعثتها على متن سفينة آر في فالكور RV Falkor التابعة لمعهد شميدت للمحيطات Schmidt Ocean Institute دراسة النظم الإيكولوجية على الجبال البحرية. باستخدام عربة ROV SuBastian المشغَّلة من بُعد أجرى الفريق 21 غطسة، وسجَّل 250 ساعة تحت الماء جمع خلالها عينات وسجَّل أفلام فيديو عاليةَ الدقة للشعاب المرجانية والإسفنج وأشكال الحياة المعقدة الأخرى.
تتضمن التقنيات القياسية لدراسة الأنواع الموجودة في أعماق البحار مزيجاً من التعرُّف البصري وجمع العينات لتحليلها على نحو تفصيلي. صار الحمض النووي البيئي Environmental DNA (اختصاراً: الحمض eDNA) الذي يبحث عن الخلايا الحاوية على الحمض DNA والمخاط الذي تفرزه الكائنات الحية في عينات كبيرة من الماء، طريقة أسرع وأقل كلفة لمعرفة أي الأنواع تعيش في المنطقة المستكشَفة.
يجري بصورة تدريجية بناء أرشيفات التسلسلات الجينية لأنواع تعيش في أعماق البحار. وفي يوم من الأيام، سيكون من الممكن معرفة ما إذا كان حبَّارٌ عملاق أو سمكة قرش غرينلاند أو أي كائن آخر غامض من أعماق البحار قد سبح وتوارى بعيداً عن الأنظار، من بصمة الحمض DNA الذي تركه وراءه.
عندما ينتهي فريق روتجان من تحليل النتائج التي توصلوا إليها، سيضيفون بلا شك مُدخلات جديدة في السجل العالمي لأنواع أعماق البحار World Register of Deep-Sea Species الذي أدرج 26,599 نوعاً في منتصف العام 2021، وهو رقم يزداد باستمرار. تقول روتجان: ”إنه ليس مجرد فهرس لما هو موجود، ولكن سبب وجودها هناك، ومع ماذا تتفاعل وماذا تفعل“.
أحد جوانب إيكولوجية أعماق البحار التي تدرسها روتجان هو الجهاز المناعي للشعاب المرجانية التي يمكن أن تعيش آلاف السنين. فهي تريد أن تفهم كيف تتعافى من هجمات الحيوانات المفترسة آكلات المرجان Corallivores. يمكن أن يقدم هذا رؤى جديدة حول الكيفية التي تطورت وفقها المناعة الفطرية بين بعض أقدم الحيوانات متعددة الخلايا على الأرض. ويمكن أن تكون له تطبيقات في الطبِّ، لأننا نتشارك مع الشعاب المرجانية في أسلاف قدامى.
تحفل الرحلات الاستكشافية- مثل رحلة روتجان- بإمكانيات هائلة لشحذ اهتمام الجمهور بأعماق المحيطات. فقد حظيت لقطات لأسماك قرش الحوت التي تغوص في الأعماق وزوج من الأخطبوطات الزجاجية الرائعة بتجاوب هائل على الإنترنت. أما روتجان فترى أن هذه اللمحات عن النظم الإيكولوجية في أعماق البحار هي بمنزلة تذكير بالغ الأهمية بأننا نتشارك في هذا العالم مع كثير من الأشكال الحية التي لا نعرفها. وتقول: ”ما ينبغي علينا حقاً، بوصفنا حُماة هذا الكوكب، هو حماية جيراننا“.
3
هل سنتمكن يوماً من بناء قاعدة في عمق البحر؟
من الناحية الفنية لا يوجد مكانٌ في الهاوية بعيدٌ عن متناول البشر تماماً. وعدد الأشخاص الشجعان والفضوليين الذين يقومون بزيارات قصيرة إلى أعماق المحيط في تزايد. في وقت سابق من هذا العام صارت نيكول ياماسيه Nicole Yamase أولَ سكان جزر المحيط الهادئ وثالثةَ امرأة وأصغرَ شخص ينزل إلى نقطة تشالنجر ديب Challenger Deep في خندق ماريانا Mariana Trench، وهي أعمق نقطة في المحيط على بُعد نحو 11 كيلومتراً من السطح.
لكن النزول إلى الأعماق والبقاء فيها أمران مختلفان. فالأشخاص الذين أمضوا – حتى تاريخ كتابة المقال- أطول وقت تحت الماء هم غواصون محترفون يُجرون أعمال البناء في منشآت النفط والغاز. وهم يقضون أسابيع داخل كبسولات مضغوطة على متن السفن ومنصات النفط، ويتنقلون كل يوم داخل كبسولة للغوص تُعرَف باسم ناقوس الغوص Diving bell إلى موقع عملهم على عمق 100 متر أو أكثر. تبقى أجسادهم مشبعة بغازات الغوص طوال الوقت، ويخضعون لعملية تخفيف الضغط Decompression ببطء وتدريجياً في نهاية كل بعثة.
اعتمد العلماء أيضاً الغوص التشبُّعي Saturation diving كوسيلة لقضاء مزيد من الوقت في مناطق أعمق. كان الفرنسي جاك إيف كوستو Jacques-Yves Cousteau الذي صور أفلاماً تحت الماء هو أحدَ رواد الغوص التشبعي وبنى في ستينات القرن العشرين قاعدة تحت الماء على شكل نجم البحر في البحر الأحمر تُسمى كونشيف تو Conshelf II. ويخطط حفيده، فابيان كوستو Fabien Cousteau حالياً لبناء منشأة جديدة من الجيل الثاني في أعماق البحار تُسمى بروتيوس Proteus.
قال كوستو: عندما تحدثنا عن بروتيوس في المدونة الصوتية Catch Our Drift، ”من أجل أن نفهم شيئاً بمثل هذا التعقيد، شيئاً بمثل هذا الغموض، شيئاً غريباً مثل عالم المحيط، علينا أن نقضي كثيراً من الوقت هناك“.
”نريد أن يكون الناس قادرين على أن يحلموا، أن يكونوا قادرين على التواصل مع المحيط“
تُسمى بروتيوس أول محطة فضاء دولية للمحيطات International Space Station for the ocean، وستكون نسخة أكبر وأكثر قابلية للتكيف من المستوطنات السابقة للبقاء تحت الماء بما في ذلك محطة أكواريوس Aquarius في فلوريدا، وهي الوحيدة التي ما زالت تعمل وقضى فيها كوستو 31 يوماً في العام 2014 مُسجلاً رقماً قياسياً للعيش تحت الماء.
يأمل كوستو أن تُبنى في نهاية المطاف شبكةٌ تضم عدداً من قواعد بروتيوس عبر المحيطات، يمكن للعلماء ومنتجي الأفلام استخدامها، إضافة إلى تدريب رواد الفضاء على بيئة الفضاء القاسية. سوف تستوعب القاعدة الأولى فريقاً مكوناً من 12 رائداً بحرياً، ومن المقرر تركيبها في منطقة محمية بحرية قبالة جزيرة كوراساو Curaçao. ستوجَد على عمق نحو 18 متراً تحت الماء، وهي وإن لم تكن في عمق الهاوية فإنها تظل مفيدة لاختبار مفهوم بقاء مجموعات من الأشخاص تحت الماء حيث يعيشون ويعملون.
ستضم بروتيوس أيضاً أولى بيوت الدفيئة تحت الماء في العالم لزراعة طعام طازج للطاقم، واستوديو للبث للمساعدة على مشاركة عجائب الأعماق. قال كوستو: ”نريد أن يكون الناس قادرين على أن يحلموا، أن يكونوا قادرين على التواصل مع المحيط“.
4
هل ستغيِّر أزمة المناخ أعماقَ البحر؟
يصل تأثير تغير المناخ بالفعل إلى عمق المحيط. فقد أكدت دراسة أجريت في العام 2020 أن متوسط درجة الحرارة العالمية بين السطح وعلى عمق 2,000 متر يرتفع عاماً بعد عام. قد تبدو الزيادة بسيطة- في العام 2019 كانت °0.075س أعلى من متوسط ما بين العامين 1981 و 2010 – ولكن نظراً إلى حجم الماء، فإن الحرارة الممتصة تعادل طاقة متولدة عن انفجار 3.6 بليون قنبلة ذرية.
وهناك تغييرات أكبر على الطريق. بحلول نهاية القرن من المتوقع أن ترتفع درجات الحرارة عند منطقتي الشفق Twilight zone ومنتصف الليل Midnight zone على عمق 1,000 و4,000 متر على التوالي، إلى °8س. سيكون هذا بمنزلة صدمة ساخنة لكائنات أعماق البحار المتكيفة مع العيش في نحو °4س.
ستصاحب ارتفاعَ درجات الحرارة تأثيراتٌ مناخية أخرى. فمن المتوقع أن ترتفع حموضة المحيطات بشدة على عمق يتراوح بين 200 و3,000 متر، حيث ستجد الشعاب المرجانية في أعماق البحار صعوبة متزايدة في بناء هياكلها الخارجية. وسيؤدي ارتفاع درجة حرارة مياه البحر إلى فقدانها القدرة على الاحتفاظ بالأكسجين. في شمال شرق المحيط الهادئ، قبالة جزيرة فانكوفر Vancouver، انخفضت بالفعل مستويات الأكسجين على عمق 3,000 متر بنسبة %15 على مدى السنوات الستين الماضية.
ومن المحتمل أن تقلل التأثيرات البشرية من قدرة الأعماق على حماية نفسها من ارتفاع تركيزات الكربون ودرجة الحرارة.
تقدر دراسة حديثة أن الصيد بشباك الجر Trawling يعطل مخزونات الكربون في قاع البحار ويسبب انبعاثات مماثلة لما يطلقه قطاع الطيران. هناك أيضاً خطط لصيد أسماك الفانوس Lanternfish في المياه المفتوحة لمنطقة الشفق التي يُعتقد أنها أكثر الفقاريات وفرة في العالم. في كل ليلة تهاجر أسراب السمك من منطقة الشفق لتتغذى في المياه الضحلة، قبل أن تسبح عائدة إلى الأعماق عند الفجر، حاملة معها كميات من الكربون. ويمكن أن يؤدي صيد هذه الأسماك بأعداد كبيرة إلى تعطيل مسار الكربون نحو المياه العميقة.
اللغز الكبير الذي لم يُحَل بعد هو إن كان التنقيب في قاع البحر سيساعد على حل أزمة المناخ من خلال توفير معادن لصنع تقنيات خضراء مثل بطاريات السيارات الكهربائية، أو إنه سيجعل الوضع أسوأ بكثير.
5
كيف يبدو قاع البحر العميق؟
يتكرر القول بأننا نعرف عن سطح القمر أكثر مما نعرف عن قاع البحر. هذا صحيح، على الأقل فيما يتعلق بالخرائط التي لدينا، لكن الأمر يتغير تدريجياً.
لقد رُسم سطح القمر كاملاً بدقة تصل إلى سبعة أمتار. قارن ذلك مع أفضل خرائط كاملة متوافرة لقاع البحر وُضعت باستخدام الأقمار الاصطناعية التي تقيس الانتفاخات في سطح البحر وتُظهر فقط تضاريس لا يقل عرضها عن خمسة كيلومترات. تجدر الإشارة إلى أن مساحة القمر أصغر بنحو 10 مرات من قاع البحر على الأرض، وفي غياب محيط من السهل جداً رؤية ما يحدث هناك. ومع ذلك يتوصل العلماء والمهندسون إلى طرق جديدة أفضل لرسم خرائط قاع البحر.
يهدف المشروع مؤسسة نيبون Nippon Foundation-GEBCO Seabed 2030 إلى رسم خريطة لقاع البحر كاملاً بحلول نهاية العقد من خلال البيانات التي تبرع بها باحثون وحكومات وشركات وأفراد. وتتمثل الخطة في الحصول على قراءة عميقة لكل 800×800 م بكسل من قاع البحر العميق. وبالنسبة إلى المناطق التي يقل عمقها عن 1,500 متر، ينخفض ذلك إلى قراءة لكل 100×100 م بكسل.
ستُستخدَم خرائط قاع البحر المحسَّنة لمختلف الأغراض. فهي ستساعدنا على الإبحار، وعلى مد كابلات الاتصالات، وستحسِّن فهمنا للكيفية التي تؤثر وفقها تضاريس قاع البحر في التيارات وخلط المياه، وهذا سيسمح لنا بتحسين تنبؤات تغير المناخ.
في العام 2021 تجاوز مشروع رسم خارطة قاع البحار Seabed 2030 علامة %20، لذلك ما زال الطريق أمامنا طويلاً. ويمكن أن يساعد جيل جديد من السفن السطحية غير المأهولة Uncrewed Surface Vessels (اختصاراً: السفن USVs) على مواجهة التحدي، بما في ذلك أسطول يعتمد على التصميم الذي فاز بجائزة XPRIZE لرسم خرائط المحيطات في العام 2019. تنشر سفينة سي-كيت ماكسليمر Sea-Kit Maxlimer وتستعيد غواصة تعمل ذاتياً ترسم تضاريس الأعماق باستخدام الصدى. وقد تصدرت عناوين الصحف أخيراً عندما أبحرت عبر بحر الشمال، حاملة المحار من بلجيكا إلى إنجلترا، في أول مهمة من نوعها تؤديها سفينة روبوتية تجارية.
إضافة إلى خطط وضع خريطة عالمية، يجري أيضاً رسم أجزاء من الهاوية بمزيد من التفصيل لرسم خرائط الجبال العملاقة تحت الماء. عندما شاركت روتجان في قيادة البعثة الأخيرة إلى المحيط الهادئ على متن السفينة RV Falkor، درس فريقها 14 جبلاً بحرياً، بما في ذلك 10 لم يصل إليها بشر من قبل، واستخدموا مجموعة من أجهزة الاستشعار الموجودة على متن السفينة، بما في ذلك نظام سبر بالصدى متعدد الحزم Multibeam echo sounding system، للتعرف على وجه قاع البحر. مع تدفق البيانات، تُرسم خرائط ثلاثية الأبعاد فيما بدأ العلماء في التخطيط لمواقع الغوص.
عندما تُنشر دراسات عن تلك الجبال البحرية، ستتاح للعلماء فرصة لتسميتها. هناك آلية رسمية لتسمية الجبال البحرية، وهناك قواعد يجب الالتزام بها. لا يمكن، على سبيل المثال، تسميتها على اسم شخص حي. ولدى روتجان وفريقها بعض الأفكار المدروسة والمسلية المستمدة من التاريخ ومن الثقافة الشعبية، لكنهم يتكتمون عليها في الوقت الحالي.