دراسة تكشف السببَ الحقيقي وراء اختفاء الديناصورات
لم يكن ارتطامُ النيزك، بل سُحُبُ الغبار الهائلة التي أثارها في الغلاف الجوي هي التي أدت إلى انقراضها الجماعي قبل 66 مليون سنة
أظهرت دراسة جديدة أن السبب الرئيس لنفوق الديناصورات لم يكن كويكباً عملاقاً يبلغ قطره 10 كيلومترات (6 أميال) ضرب الأرض قبل نحو 66 مليون عام. أدى الاصطدام الذي شكل حفرة تشيكشولوب Chicxulub crater في شبه جزيرة يوكاتان Yucatán Peninsula بالمكسيك، إلى توليد قدر من الطاقة يتجاوز ما تطلقه بليون قنبلة نووية، لكن الغبار الذي أثاره في الغلاف الجوي هو الذي أفنى ثلاثة أرباع الكائنات الحية على الأرض.
”أحدثت سحب غبار السيليكات الناعم فترة تبريد قاسية على مستوى العالم ككل“
تقترح الدراسة التي أجراها فريق من العلماء من المرصد الملكي البلجيكي Royal Observatory of Belgium ونُشرت في مجلة نيتشر Nature، إلى أن سحب غبار السيليكات الناعم الناتجة عن الصخور المسحوقة سببت فترة تبريد قاسية على مستوى العالم ككل.
وأوضح عالِم الأحافير البروفيسور ستيفن بروسات Stephen Brusatte الذي لم يشارك في الدراسة، لمجلة بي بي سي ساينس فوكس BBC Science Focus: ”لم يكن الانفجار هو الذي قضى حقاً على الديناصورات وجميع الأنواع الأخرى التي نفقت. الغبار والسخام اللذان صعدا إلى الغلاف الجوي أدخلا الأرض في حالة من البرودة الشديدة وحجبا الشمس بضع سنوات على الأقل، ومع توقف عملية البناء (التمثيل) الضوئي Photosynthesis في النباتات، لا بد أن النظم الإيكولوجية انهارت مثل بيوت من ورق. ربما كانت أصغر [ص 21] ذرات الغبار هي التي كان لها أعظم أثر في إبادة مكونات الحياة“.
أطلق الكويكب أيضاً غازات كبريتية في الغلاف الجوي، وأدى إلى نشوب حرائق غابات وانفجارات بركانية، وحلول ”شتاء تصادمي“ Impact winter استمر سنوات عديدة. وأدى هذا في النهاية، إلى القضاء على 75% من الحياة على الكوكب، بما في ذلك تقريباً جميع الديناصورات غير الطائرة والثدييات الكبيرة.
كان يُعتقَد سابقاً أن هذه الغازات والسخام هي السبب وراء التبريد الشديد للأرض. لكن فحص المواد الصخرية من تانيس Tanis- وهو موقع أحفوري في داكوتا الشمالية بالولايات المتحدة، معروف بتقديم دليل مباشر على كويكب تشيكشولوب – كشف عن توزيع أعلى بكثير مما كان متوقعاً لحطام السيليكات الناعم الذي يقل عرضه عن 8 ميكرومتر (0.000008 متر).
وباستخدام بيانات من الموقع، يقدِّر الباحثون أن الغبار أمكن له أن يبقى في الغلاف الجوي للأرض مدة 15 عاماً بعد الاصطدام، مما ساهم في انخفاض درجة حرارة السطح بمقدار 15 درجة سيليزية (59 درجة فهرنهايت). ووفقاً لعمليات المحاكاة الجديدة، كان من شأن الغبار، إلى جانب الكبريت والسخام، أن يحول دون تفعيل عملية البناء الضوئي في النباتات مدة عامين، وهو ما قتل النباتات وسبب سلسلةً من ردود الفعل أدت إلى انقراض الحيوانات.
في المجمل، جابت الديناصورات الأرض 165 مليون سنة تقريباً (بالمقارنة، الإنسان العاقل هومو سابينس Homo sapiens موجود منذ 300,000 سنة). في أعقاب ارتطام الكويكب والانقراض الجماعي، استمرت الحياة على شكل ديناصورات تطير وثدييات صغيرة تطور كثير منها في النهاية إلى أشكال الحياة الحالية التي نعرفها على الأرض.