أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
مقالات رئيسية

عـمــيــق ورائــع

على منحدر تل بجوار بعض الينابيع الحرارية Thermal springs على عمق 3,000 متر تحت سطح المحيط الهادي، اكتشف العلماء أكبر حضانة للأخطبوط في العالم. انضم إليهم وهم يستكشفونها في مسلسل كوكب الأرض III

تفتح أنثى الأخطبوط ذراعها البنفسجية الملتفة والمغطاة بالممصات بلطف لتعتني بمجموعة من البيض على شكل كرات بينغ بونغ متطاولة. ومن خلال نفث دفقات من الماء من مجرى طارد موجود على جانب رأسها تضمن حصول صغارها على كثير من الأكسجين. إنها محاطة بمئات من الإناث الأخرى اللتي، عند النظر إليها من مسافة بعيدة، ترتقي إلى مستوى لقبها. تشبه الأخطبوطات اللؤلُئية (ميوزأكتوبوس روبوستوس Muusoctopus Robustus) أحجاراً كريمة كروية مصفوفة في قاع البحر.

هذا هو أكبر تجمع معروف للرخويات Molluscs ذات الثماني أذرع على الكوكب – نحو 20,000 منها – ويشاهده الناس في معظم أنحاء العالم بدقة عالية مذهلة في حلقة ”المحيطات“ من سلسلة بي بي سي كوكب الأرض III.

كان من الممكن أن يكون هذا المنظر مذهلاً بما فيه الكفاية لو أنه شوهد في مكان ما في البحار الضحلة، أو الشعاب المرجانية الاستوائية أو غابة لأعشاب البحر، لكن أمهات الأخطبوط ترعى بيضها على بعد نحو 3 كم (ميلين) تحت السطح، في البرد القارس والظلام السائد في أعماق البحار.

يقول المنتج والمخرج ويل ريدجن Will Ridgeon الذي أمضى عامين في تصوير الأخطبوطات وتعاون مع العلماء والمهندسين في معهد أبحاث خليج مونتيري للأحياء المائية Monterey Bay Aquarium Research Institute (اختصاراً: المعهد MBARI) في كاليفورنيا: ”إن مجرد وجود حياة هناك أمر مذهل في حد ذاته“.

تقع حديقة الأخطبوطات، كما يُعرف الموقع حالياً، في شرق المحيط الهادي، على بعد 160 كم (100 ميل) جنوب غرب خليج مونتيري، على تلة بالقرب من جبل عملاق غارق يُسمى جبل ديفيدسون البحري Davidson Seamount.

اكتُشف الموقع في العام 2018 خلال رحلة استكشافية جرى بث وقائعها مباشرة عبر الإنترنت. كانت هذه هي المرة الأولى التي يرى فيها أي شخص هذا العدد الكبير من هذه المخلوقات في مكان واحد، فضلاً عن رؤيتها في أعماق البحار (الأخطبوطات حيوانات منعزلة، وعندما يجري الاحتفاظ بها معاً في الأسر فإنها تميل إلى أن تأكل بعضها).

كان ريدجن يشاهد البث المباشر للاكتشاف، وأدرك على الفور أنها قصة تستحق تصويرها لمسلسل بي بي سي الجديد. وتعاون مع د. جيم باري Jim Barry، كبير العلماء في المعهد MBARI الذي بدأ في إجراء زيارات منتظمة إلى حديقة الأخطبوطات في العام 2019 لمعرفة مزيد حول سبب تجمع كثير من الأخطبوطات في هذا المكان بالذات. يقول باري: ”كان السؤال هو لماذا هناك؟“.

جمع باري وزملاؤه أدوات متخصصة لإطلاق سلسلة من الدراسات التفصيلية. أنشؤوا فسيفساء ضوئية لجزء مساحته 2.5 هكتار (نحو 27,000 قدم مربعة) من الموقع عبر جمع صور عالية الدقة معاً مما سمح لهم بإحصاء الأخطبوطات الفردية. كما نصبوا كاميرات تعمل ضمن فواصل زمنية في قاع البحر والتقطت صوراً قريبة كل 20 دقيقة على مدى عدة أشهر في كل مرة، لإظهار ما كانت تفعله الأخطبوطات. وبالتدريج، بدأ فريق باري في حل بعض أكبر ألغاز حديقة الأخطبوطات.

حضانة للأخطبوطالعمل من بُعد
شارك ريدجن في الرحلات الاستكشافية إلى حديقة الأخطبوطات في وقت مبكر. في البدء جرت جلسات التصوير في أثناء الإغلاق بسبب جائحة كوفيد، لذلك انضم عبر رابط فيديو مباشر من غرفة نومه في بريستول، المملكة المتحدة (وكانت تقاطعه أحياناً ابنته البالغة من العمر خمس سنوات).

عندما خُففت قيود كوفيد-19، انضم ريدجن إلى باري وفريقه على متن سفينة المعهد MBARI، وهي سفينة أبحاث تحمل اسم Western Flyer. لكن لم يقُم أي منهم بزيارة حديقة الأخطبوطات شخصياً. أمكن إجراء جميع عمليات البحث والتصوير باستخدام مركبة بحجم السيارة تعمل من بُعد Remote-operated vehicle ومجهزة بكاميرات وأذرع آلية تُسمى اختصاراً المركبة ROV.

بدأت عمليات الغوص نحو الساعة السادسة صباحاً، عندما أُنزلت المركبة ROV في البحر من خلال ثقب في هيكل Western Flyer يُسمى بركة القمر. يقول ريدجن: ”إن الأمر أشبه تماماً بأفلام جيمس بوند“.

”يمكن أن يستغرق الوصول إلى حديقة الأخطبوطات ما يصل إلى ساعتين“

يمكن أن يستغرق النزول إلى حديقة الأخطبوطات ما يصل إلى ساعتين، وتبقى المركبة ROV هناك طوال اليوم. ويتحكم الملاحون في المركبة ROV عبر كابل يربطها بغرفة التحكم الموجودة على متن السفينة على السطح، حيث يشاهد الجميع بث الفيديو لمعرفة ما يجري في القاع.

يقول ريدجن: ”تنسى أنك تنظر إلى الشاشات. يتملكك الظن بأنك هناك في الأسفل“.

حضانة للأخطبوط
تُطلق المركبة التي تُشغَّل من بُعد والمستخدمة لدراسة الأخطبوطات وتصويرها من خلال فتحة في هيكل سفينة الأبحاث

عمل مهندسون من المعهد MBARI مع هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) للعثور على إعداد الكاميرا المثالي لتصوير حديقة الأخطبوطات. لم يكن من الممكن استخدام لقطات من الكاميرات المثبتة على المركبة ROV، بسبب وجود كثير من الاهتزاز. يقول باري: ”يمكن لهيئة الإذاعة البريطانية أن تهتم بقدر قليل من ذاك [الارتعاش]، ولكن ليس بالقدر الذي كان عليه الوضع“.

تهتز المركبة ROV ليس بسبب درجات الحرارة الباردة في الأعماق، ولكن لأن محركاتها يجب أن تعمل باستمرار لضمان بقائها بالقرب من قاع البحر (المركبة ROV تميل إلى الطفو، لذلك ستعود وتطفو على السطح إذا تعطلت). لتجاوز المشكلة، استخدم باري وريدجن كاميرا منفصلة بدقة 4K على حامل مصمم خصيصاً يمكنهم وضعه في قاع البحر. يقول ريدجن: ”أعتقد أن هذا هو السر وراء الصور“.

على عكس الكاميرات الموجودة على المركبة ROV التي يستخدمها العلماء والتي لا يمكنها الوصول إلا إلى مسافة بضعة أمتار من جسم ما في قاع البحر، تتميز الكاميرا 4K بطول بؤري يبلغ نحو 20 سم (7-8 بوصات)، ويمكنها التصوير مباشرة بين الأخطبوطات. ولكن كان استخدامها صعباً. استغرق الأمر ما يصل إلى 40 دقيقة لنصبها في المكان الصحيح، ثم كان على الفريق أن يأمل عدمَ سقوطها وأن يقع الحدث أمامها مباشرة.

للحصول على لقطات مسلسل كوكب الأرض III، استخدم ويل ريدجن كاميرا بدقة 4K مع حامل مصمم خصيصاً للاقتراب من الأخطبوطات الحاضنة

شغَّل ريدجن الكاميرا من السفينة باستخدام وحدة تحكم PlayStation وكيَّف مهندسو المعهد MBARI الإعدادات لتناسب المهمة. يقول ريدجن: ”الأمر كان في البَدء أشبه بمحاولة التصوير ويداك مقيدتان خلف ظهرك“.

التحدي الآخر للتصوير في أعماق البحار هو الضوء. يشرح ريدجن: ”تريد إبعاد الأضواء عن الكاميرا قدر الإمكان، وبنحو مثالي حول الجانب حتى تتمكن من الحصول على إضاءة خلفية لثلاثة أرباع [المشهد]، ولا تحصل على انعكاس من جميع الأجزاء والقطع الموجودة في الماء“.

تلك ”الأجزاء والقطع“ عبارة عن ثلوج بحرية، وهي جزيئات عضوية تتساقط باستمرار من مياه البحر في الأعلى. يتكون الثلج البحري Marine snow من العوالق Planktons الميتة وبرازها وهي ملتصقة بعضها ببعض بفضل غراء ميكروبي. والثلج البحري هو مصدر الغذاء الرئيس للحيوانات في أعماق البحار. لكن هذا يجعل التصوير صعباً لأن الأفلام يمكن أن تبدو كأنها صُوِّرت في أثناء عاصفة ثلجية.

يدرس باحثون حديقة الأخطبوطات من غرفة التحكُّم في المركبة ROV على متن السفينة Western Flye

للرؤية خلال العاصفة الثلجية وتحقيق تأثير الإضاءة الخلفية الثلاثية الربعية، بنى فريق المعهد MBARI جهاز إضاءة يمكن للمركبة ROV إبقاءه بعيداً عن الكاميرا وإزاحته إلى الجانب. يقول باري: ”هكذا حصلنا على بعض هذه اللقطات الرائعة حقاً“.

تسريع النمو
مع تقدُّم أبحاث باري وتصوير بي بي سي، توصل الفريق إلى بعض الاكتشافات المذهلة. فقد لاحَظوا أنه لم تكن هناك أي أخطبوطات متوسطة الحجم تصل إلى الموقع، ولا أي علامات على التغذية. كانت هناك فقط أخطبوطات ناضجة ومكتملة النمو. كانت تأتي إلى الموقع للتكاثر ولا شيء غير ذلك. قد يُطلق عليها اسم حديقة الأخطبوطات، لكن الموقع بلا شك هو عبارة عن حضانة Nursery للأخطبوطات.

جمع الفريق أيضاً أدلة على أن الإناث الحاضنة تستخدم الينابيع الحرارية في الموقع لتسريع نمو صغارها. بالنسبة إلى الأخطبوطات هناك علاقة قوية بين درجة الحرارة ووقت الفقس؛ كلما كان الطقس بارداً، استغرق الأمر وقتاً أطول وازداد خطورة، لأن هناك حيوانات قمَّامة Scavengers تنتظر تناول بيض الأخطبوط الذي لم يفقس والمتروك بلا حراسة.

وأظهرت مجسات درجة الحرارة أن مياه البحر المحيطة بكل عش للأخطبوط يمكن أن تصل إلى 10°س (50 درجة فهرنهايت)، وهي أكثر دفئاً بكثير من 1.6°س (34 درجة فهرنهايت) للمياه على بعد أمتار قليلة منها.

ومن خلال مشاهدة أخطبوطات معينة وهي تحضن في الموقع (يمكن التعرف على الأفراد من خلال أنماط الخدوش والندبات)، رأى باري وزملاؤه أن بيضها يستغرق 1.8 سنة في المتوسط حتى يفقس. لا تتحرك الإناث خلال تلك الفترة، ولكنها تقاتل باستمرار الحيوانات المفترسة وتبعدها عن العش الذي يضم نحو 60 بيضة. يقول باري: ”بمجرد أن تزرع بيضها على الصخر، انتهى الأمر، ستظل عالقة في ذاك الموقع“.

يستمر ذلك أقل من عامين بقليل، وهي فترة حضانة لا تُعَد الأطول بالنسبة إلى الأخطبوط. ويحمل الرقم القياسي أخطبوط شمال المحيط الهادي غرانيليدون بوريوباسيفيكا Graneledone boreopacifica، وهو نوع مختلف وجده علماء المعهد MBARI في مكان قريب، متشبثاً بخاصرة مونتيري كانيون على عمق 1.4 كم (أقل بقليل من ميل). لقد رأوا أنثى تحضن بيضها مدة 4.5 سنوات، وهي أطول فترة مسجلة لحيوان حاضن. لكنها كانت تربي بيضها في مياه أكثر دفئاً بكثير من درجة الحرارة المحيطة البالغة 1.6 درجة مئوية في حديقة الأخطبوطات. لولا الينابيع الحرارية، من المحتمل أن يستغرق الأمر عقداً أو أكثر حتى يفقس بيض حديقة الأخطبوطات.

عندما اكتُشف الموقع، دُهش علماء الأحياء عندما وجدوا أخطبوطات تعشش هناك. ولكن الجيولوجيين بهرتهم المياه الدافئة التي تتسرب عبر قاع البحر وهو ما لم يسبق أن شوهد من قبل.

تُعتبَر الينابيع أكثر برودة بكثير من فتحات النفاثات الحرارية المائية Hydrothermal vents الحارقة التي تتشكل عند حواف الصفائح التكتونية حيث يتكون قاع البحر المنصهر الجديد. يمكن أن تصل الحرارة حول الفتحات إلى مئات الدرجات، على الرغم من أن الضغط الهائل يمنع الماء من الغليان. اكتُشفت الفتحات لأول مرة في سبعينات القرن العشرين، ومن السهل نسبياً اكتشافها باستخدام مجسات درجة الحرارة، لأن أعمدة الماء الساخن ترتفع حتى مئات الأمتار فوقها.

”يعتقد علماء الأحياء أن من الممكن أن يكون هناك كثير من حضانات الأخطبوطات“

في المقابل تتشكل الينابيع الحرارية بعيداً عن هذه المناطق القوية من الناحية التكتونية، ولأنها أكثر برودة بكثير، فمن الصعب العثور عليها. لكن الجيولوجيين يعتقدون أن من الممكن أن يكون هناك آلاف منها، ومن المرجح أن تكون مستقرة تماماً، وتستمر في المكان نفسه مئات أو حتى آلاف السنين. وعلى هذا النحو يعتقد علماء الأحياء أن من الممكن أن يكون هناك كثير من حضانات الأخطبوطات الموجودة حول هذه الينابيع.

مع فترة حضانة تبلغ 4.5 سنوات، يحمل الأخطبوط غرانيليدون بوريوباسيفيكا Graneledone boreopacifica (نوع من الأخطبوط الذي يفقس بيضه في المياه الباردة) الرقم القياسي لأطول فترة حضانة لأي حيوان

الولادات والوفَيَات
في المشهد الأخير من حلقة ”حديقة الأخطبوطات“ من برنامج كوكب الأرض III، تظهر مجموعة من الأذرع الصغيرة الممتصة أسفل أنثى حاضنة، ثم يخرج أخطبوط صغير ذو رأس مزركش، مثل مظلة صغيرة، سابحاً في الظلام. يتبعه مزيد من الصغار لتبدأ حياتها في المحيط. أين تذهب، لا أحد يعرف… بعد. يقول باري: ”هذا هو الشيء التالي الذي أود اكتشافه“.

تكون صغار الأخطبوط كبيرة الحجم بالنسبة إلى أخطبوطات حديثة الولادة، إذ يبلغ طولها نحو 6 سم (بوصتين)، مما يمنحها أفضل فرصة ممكنة للبقاء على قيد الحياة. ولكن كما يعلم أي شخص شاهد فيلماً وثائقياً عن الأخطبوط من قبل، فإن هذا يأتي بتكلفة باهظة للأمهات. يقول باري: ”تُعتبَر هذه الأمهات مدافعات شرسات عن صغارها، في حين أنها تذوي تدريجياً“.

نفق الآباء قبل سنوات، بعد وقت قصير من التزاوج. على الشاشة نرى الضوء يتلاشى في أعين الإناث وتتغضن أجسادها. رأى ريدجن ما سيحدث بعد ذلك، لكنه قرر أنه لم يكن مناسباً لمشاهدي التلفزيون في وقت مبكر من المساء. وسرعان ما تنقض الأسماك القمَّامة والقواقع وشقائق النعمان البحرية والروبيان على جثث الأخطبوطات.

كان هناك نحو 20,000 أخطبوط لؤلئية تعشش في حديقة الأخطبوطات، مما يجعلها أكبر تجمع في العالم للرخويات ذات ثماني الأذرع

في رأي باري يُعَد هذا جزءاً مهماً آخر من النتائج التي توصل إليها في حديقة الأخطبوطات. موسم التعشيش غير متزامن، إذ تفقس الأخطبوطات وتنفق أمهاتها على مدار العام، ما يقرب من تسع كل يوم. وتساعد أجسام إناث الأخطبوطات في تغذية بقية النظام الإيكولوجي، حيث تكمل مدخلات الطاقة من الثلوج البحرية بنسبة 72%. يقول باري: ”من الواضح أن هذا يمثل مورداً غذائياً كبيراً للنظام الإيكولوجي Ecosystem المحلي… لن يكون الأمر كذلك لو حدث في المياه الضحلة“، لوجود كثير من الطعام فيها. ولكن في أعماق البحار القاحلة لا شيء يُهدَر.

انتهت بي بي سي من التصوير في حديقة الأخطبوطات، لكن دراسات باري مستمرة. أحد الأشياء التي يحرص على معرفتها هو عمر شقائق النعمان البحرية. هذه هي الحيوانات العملاقة البرتقالية الشبيهة بالأزهار والتي تجعل حديقة الأخطبوطات تبدو كأنها حديقة حقيقية. درس باري شقائق النعمان البحرية التي تعيش عقوداً من الزمن في المياه الساحلية الضحلة، ويَشتبِه في أن الأنواع التي تعيش في أعماق البحار يمكن أن تعيش عدة قرون، في تناقض صارخ مع الأخطبوطات قصيرة العمر نسبياً. يقول: ”إنها مثل حراس قابعين هناك في حين تمر الأخطبوطات من أمامها“.

”لا أحد يعرف المسافة التي تقطعها الأخطبوطات للوصول إلى الحديقة، أو كيف تجدها“

هناك كثير من الأسئلة التي يود باري الحصول على إجابات لها: ”هل الأخطبوطات محصورة في هذا النوع من التكاثر في المواقع الدافئة، أو إنها لا تزال قادرة على التكاثر في أماكن أخرى في درجات حرارة محيطة أكثر برودة؟ هل هناك إخلاص لموقع تعشيش معين؟ هل تعود إلى الموقع الذي ولدت فيه؟“. لا أحد يعرف المسافة التي تقطعها الأخطبوطات للوصول إلى الحديقة، أو كيف تجدها، على الرغم من أن باري يَشتبِه في أنها تشم الرائحة المنبعثة من عديد من الأخطبوطات الميتة والمحتضرة. يقول: ”سنستمر بالتأكيد في العودة إلى الموقع“.

هيلين سكيْلز

(@helenscales) هيلين عالمة أحياء بحرية ومذيعة وكاتبة علمية. وهي مؤلفة كتابَي دوائر في الزمن Spirals in Time والهاوية الرائعة The Brilliant Abyss


توفر حديقة الأخطبوطات معلومات عن حياة الرخويات وتكاثرها

حضانات الأخطبوط

حتى الوقت الحالي عُثر على أربع حضانات معروفة لأخطبوطات أعماق البحار، وجميعها في المحيط الهادي

بروز دورادو DORADO OUTCROP كوستاريكا
عُثر عليها في ديسمبر 2013
رصد باحثون من جامعة أكرون University of Akron في أوهايو، والمتحف الميداني في إلينوي Field Museum in Illinois، وجامعة ألاسكا فيربانكس University of Alaska Fairbanks، أكثر من 100 أخطبوط، على بعد 160 كم (100 ميل) قبالة ساحل المحيط الهادي في كوستاريكا، وعلى عمق 3 كم (1.8 ميل) تحت الماء. بدا أن الأخطبوطات هي نوع غير موصوف من الأخطبوط ميوزأكتوبوس Muusoctopus. ولم يلحظ الباحثون أن بيضها ينمو.

تساعد الحرارة المنبعثة من الينابيع الحرارية في حديقة الأخطبوطات البيضَ على أن ينمو ويفقس.

حديقة الأخطبوطات OCTOPUS GARDEN بالقرب من جبل ديفيدسون
عُثر عليها في أكتوبر 2018
في أثناء استكشاف تلة على بعد 3.2 كم (ميلين) و12 كم (7.5 ميل) جنوب شرق جبل ديفيدسون البحري، عثر باحثون من محمية خليج مونتيري البحرية الوطنية التابعة للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي National Oceanic and Atmospheric Administration’s (NOAA) Monterey Bay National Marine Sanctuary، في كاليفورنيا، ومن جهات متعاونة بما في ذلك صندوق استكشاف المحيطات Ocean Exploration Trust، على آلاف من الأخطبوطات اللؤلئية (Muusoctopus Robustus). كان بيضها قابلاً للحياة وفي مراحل مختلفة من التطور.

أوكتوكوني OCTOCONE 17 كم (10.5 ميل) شمال شرق حديقة الأخطبوطات
عُثر عليها في أكتوبر 2019
لاحظ باحثون من الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA)، ومن جهات متعاونة بما في ذلك صندوق استكشاف المحيطات، تجمُّعاً ثانياً للأخطبوطات اللؤلئية (ميوزأكتوبوس روبستوس Muusoctopus Robustus)، وهي تحضن هنا أيضاً بيضاً قابلاً للحياة، على مخروط بركاني شرق جبل ديفيدسون البحري.

جبل بحري غير مُسمى UNNAMED SEAMOUNT كوستاريكا
عُثر عليها في يونيو 2023
لاحظ باحثون من مختبر بيغلو لعلوم المحيطات Bigelow Laboratory for Ocean Sciences وجامعة كوستاريكا University of Costa حضانة للأخطبوط قبالة ساحل كوستاريكا في المحيط الهادي، على جبل بحري غير مستكشَف وغير مسمى. قد يكون هذا هو النوع نفسه غير الموصوف من الأخطبوط ميوزأكتوبوس Muusoctopus الذي عُثر عليه في بروز دورادو. وفي ضوء ذلك عاد الفريق البحثي أيضاً إلى بروز دورادو ليتبين له أن بيض الإناث حي وينمو، مما يشير إلى أنه في الواقع حضانة حية للأخطبوطات.

د. هيلين سكيْلز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى